الوساطات من يرفضها؟

الوساطات من يرفضها؟ ـ سرد لوقائع حقيقية!
الاثنين, 28 سبتمبر 2009 14:09 المكتب الإعلامي للسيد عبدالملك الحوثي
تقرير - المكتب الإعلامي للسيد عبدالملك الحوثي
ضمن المحاولات التي تبرزها السلطة أكثر من مرة، تُصورنا أننا من يرفض الوساطات ومحاولاتها التضليلية المستمرة هي لقلب الحقائق وألا يُكشف عن واقعها الدموي بحق أبناء الشعب ودخولها في المشروع الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة لضرب ثقافة الشعوب واستعبادها عبر هذه الأنظمة المستبدة.
وهنا لا بد أن نوضح حقائق في الغالب الجميع مطلع عليها وعاش معها بدءاً بالحرب الأولى ..
عندما وصل السادة العلماء إلى صعدة مرسلين وساطة من قبل الرئيس إلى السيد / حسين بدر الدين الحوثي فرحب بهم السيد / حسين وأبدى استعداده لاستقبالهم وحدد مكاناً لهبوط طائرة المروحية التي يستقلها العلماء بجوار شجرة معروفة في المنطقة وهيأ لاستقبالهم الرجال والوجهاء.


وكون السلطة لا ترعى حرمة لأحد والمكسب العسكري هو الأهم فقد ضنت أن السيد / حسين هو من ضمن المستقبلين فقامت بتعجيل طائرة عسكرية وشحنتها بالصواريخ واتجهت نحو المكان المحدد للاستقبال، وبينما المستقبلين ينظرون إلى طائرة العلماء !! إذا بها تنهال عليهم بالصواريخ والرشاشات وحصلت مجزرة بشعة في ذلك اليوم سقط ما يقارب الـ 30 شهيداً جراء هذا الخداع.

وقد تألم السادة العلماء لهذا العمل الجبان وغادروا صعدة على الفور .

وبعد الحرب الأولى كان الشيخ / صالح الوجمان رئيساً للجنة الوساطة مع بعض الوجهاء من أبناء صعدة واستمر في وساطته أثناء الحرب الثانية وحتى الحرب الثالثة وانتهت بتعيين العميد / يحي الشامي محافظاً لمحافظة صعدة ورئيساً للجنة الوساطة وقام بعمله مع الوجمان والسيد / عبد الكريم أمير الدين الحوثي واستمرت الوساطة حوالي ( أشهر فقط ليشتعل فتيل الحرب الرابعة ويهمش يحي الشامي في صعدة ويسجن صالح الوجمان وعبد الكريم أمير الدين في صنعاء ويقدم العميد الشامي استقالته عن منصب المحافظ على خلفية التخوين والهمز واللمز في إخلاصه ووفائه في أكثر من صحيفة ووسيلة إعلامية، تارة كونه هاشمياً وتارة أنه قدم دعماً لنا والكثير الكثير من الاتهامات الساقطة، وبعدها يعود إلى صنعاء بعد ما كان محافظاً للبيضاء ثم صعدة.

ويتم القبض على صالح الوجمان وعبد الكريم أمير الدين ويقبعان في السجن سنوات وتنتهي الحرب الرابعة بمصالحة قطرية وكون سجن القطريين أمر غير مقبول فقد راوغت السلطة في البنود متقفزة في اختيارها من الأول حتى السابع رافضةً الإفراج عن المعتقلين والكشف عن مصير المفقودين ومعالجة آثار الحرب، بينما قدمنا من جانبنا الكثير لما يثبت حسن النية ورغبتنا في نجاح الوساطة فسلمنا الجبال وأفرجنا عن كل الأسرى وعادت السلطات المحلية إلى كل مكان، ولكن بلا جدوى فكانت الأيادي الخارجية والتي لها مواقف من قطر بارزة بشدة عبر عناصرها في اليمن وانسحبت الوساطة القطرية في الأخير بعد ما لمست أن في مهامها الكثير من الصعاب الخارجية والداخلية، إضافة إلى التخوين لدور قطر عبر الصحف المحسوبة في أكثر من صورة وتخوين وتعريض.

وخلال الحرب الخامسة قامت السلطة بسجن الشيخ / ناجي بختان عضو لجنة الوساطة المرافقة للجنة القطرية وكانت تحاول القبض على بقية الأعضاء إلا أنهم فروا من ملاحقة السلطة.

وتأتي الحرب الخامسة وتنتهي بتعيين لجنة جديدة برئاسة وزير الإدارة المحلية / عبد القادر هلال مرسلاً من قبل رئيس الجمهورية، ورحبنا به واستقبلناه وزار المناطق كاملة ليتأكد من وجود السلطة المحلية في (مديرية حيدان وساقين ورازح وبقية المناطق الأخرى) ولم تمض على وساطته سوى أشهر لتتحرك تلك العناصر الحاقدة على الوطن وبصورة سخيفة قامت بتخوينه بدعوى قصة ( بنت الصحن ) ورغم انه مرسل من قبل السلطة وليس من قبلنا فقد تم التعامل معه بما يؤكد السعي المتواصل لإفشال كل المساعي المخلصة التي تسعى فعلاً إلى إيجاد حلول جذرية، وقدم استقالته على خلفية هذا التخوين المتعمد في وفاء وإخلاص الرجل الوطني وعبر معرفة الجميع.

ويأتي بعده اللواء / عبد العزيز الذهب كوسيط جديد ورحبنا به ولم نرفض أي وساطة على الإطلاق حرصاً منا على السلام وحقن الدماء، ووصل إلينا وقدمنا من جانبنا كل ما طلبه منا وأثبتنا حسن النية وأفرجنا عن المئات من الأسرى، ولم نلبث سوى أشهر قليلة وإذا به يلحق بركب من قبله ويهمش ويعزل بطريقة غير مباشرة عن عمله وتقدم الأدوار إلى الشيخ / فارس مناع وأعضاء آخرين بدون أي احترام أو مراعاة لما يقوم به، وغادر بعدها اليمن مغاضباً من تهميش متعمد فرض نفسه على كل الوساطات وليس على اللواء / الذهب لوحده.

وظل يمارس الشيخ /فارس مناع وأعضاء لجنة ما يسمى بإحلال السلام دورهم في الإشراف على فتح الطرقات في مناطق صعدة وعمران والجوف ولم تعطى اللجنة أي دور فاعل أو صلاحيات مؤثرة وإنما تحرك في متطلبات السلطة، فلم تستطع أن تفرج عن المعتقلين أو الدخول في الملفات الكبيرة في القضية، ليستمر دورها كمسكن مؤقت في أغلب القضايا.

ومع ذلك تحركت تلك العناصر المتآمرة لإفشال دورهم وتقليص صلاحياتهم عبر أكثر من قضية فمرة حاولوا اغتيالهم في شهر رمضان العام الماضي في منطقة العبدين وتم تخوينهم في الصحف المحسوبة واصفة إياهم بتجار السلاح والمخدرات والمبيدات المحظورة إلى أخر ما هناك من إتهامات في هذا الشأن وعلى لسان قادة عسكريين في البلد.

وبعدها يهمشوا وينتهي دورهم ليبقوا حلقة وصل من وإلى بدون أي معالجات حقيقية.

وبعد هذا كله تقول السلطة زوراً وبهتاناً أننا من نرفض الوساطات بوقاحة ومغالطة لمجريات واقع يشهد الجميع بمعرفته.

فهل بقي بعد هذا من غشاوة أمام البصر ليعرف الجميع من يرفض الوساطات ويسجنها ويعرقل دورها في حل القضية.

إننا نؤكد أن قضية صعدة لن تحلها إلا إرادة سياسية حكيمة يهمها مصلحة اليمن أرضاً وإنساناً والسعي نحو تغييراً حقيقياً في السلوك والخطاب والتعامل.

إن بقاء الجميع يتفرج على حرب تأكل الأخضر واليابس وتستهلك الحرث والنسل وتقدم اليمن في مصاف الدول المتناحرة والمتخلفة، وجعل الدول الأخرى أياً كانت تتدخل في شئونه الداخلية والخارجية لخطأ فادح بحق الوطن والمواطنين ستكون آثاره وخيمة على الجميع.

وكما أن الحرب لم تكن حلاً ولم تكن كذلك في يوم من الأيام ويجب على الجميع أن يفهم ذلك وللسلطة تجربة في هذا الشأن، فقد كانت الحرب الأولى كمصطلح عسكري هي حرب حسمت بالقوة فتم القبض على السيد / حسين بدر الدين الحوثي في منطقة مران وتمركزت السلطة في كل شبر من المنطقة في السهول والجبال وقبضت على من تبقى وأودعتهم السجون فهل انتهت القضية !!!

لم تنهي بل زادت بفاعلية أكثر مما سبق وكل ما استخدمت السلطة القوة كلما كان هناك ردة فعل أكثر قوة في تحديد المصير، فتم طرد الجيش من مران بعد تمركز خمس سنوات كان من المستحيل إخراجهم منها وعادت الأمة أقوى مما سبق وكانت إرادة المواطنين في المنطقة أقوى من أي إرادة أخرى خارجية.

إن هذه القضية ليست مرتبطة بشخص أو مجموعة بعينها إنها قضية أمة لها وجودها الاجتماعي والثقافي والشعبي والحرب الأولى دليل كبير على ذلك إذ كانت السلطة تطلب السيد / حسين ومن معه وحصل لها ذلك.

وسلامة اليمن أرضاً وإنساناً هي في إيجاد حوار جاد وليس املاءات تفرضها السلطة بعنجهية وتكبر على أبناء الشعب لاستعباده وإخضاعه، فالموت في مثل هذا أفضل وأهون بكثير بكثير.

لا تسقني كأس الحياة بذلة بل واسقني بالعز كأس الحنظل

ومع ذلك لسنا طلاب مناصب ولا نريد السلطة ولا نعارض وجود حكم عادل يحترم أبناء شعبه أياً كانت توجهاتهم الفكرية والثقافية.

ونحن حريصون كل الحرص على ترابط أبناء اليمن بكل مكوناتهم الثقافية والاجتماعية في احترام متبادل للرأي والرأي الأخر.

وإذا أرادت السلطة أن تستمر في الحرب فإنها لن تجني شيئاً وستخلف دماراً وتراجعاً ثقافياً وسياسياً وستمكن المتربصين من اليمن والطامعين فيه إلى استغلال الحرب لجعلها نافذة يدخلون منها إضافة إلى مخلفات ثقيلة في مختلف المستويات والأصعدة.

المكتب الإعلامي للسيد / عبد الملك بدر الدين الحوثي
9/ شوال/1430هـ